مصطفى الشيمى: الكتابة عالم جديد يتسع لنا

مصطفى الشيمى: الكتابة عالم جديد يتسع لنا 

21 سبتمبر 2017 حوار- إسلام أنور


جريدة روزاليوسف




مصطفى الشيمى كاتب مصرى حصلت مجموعته القصصية «مصيدة الفراشات» على جائزة المركز الأول فى مسابقة الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة لعام 2016، فى هذه المجموعة يشتبك مصطفى مع الموروث الثقافى والاجتماعى المصرى حيث مزيج من العوالم الأسطورية والغرائبية والحكايات الشعبية وعبرها يطرح العديد من الأسئلة عن الواقع والخيال والحب والموت والحياة واللغة والأدب بشكل عام.. عن مجموعته القصصية ورؤيته للمسافة بين الواقع والخيال فى حياتنا دار مع هذا الحوار.

 ■ هناك حضور قوى للأسطورة والعوالم الغيبية والغرائبية والحكايات الشعبية، إلى أى مدى ترى قدرة هذه العوالم على تحقيق الدهشة والمتعة وإثارة ذهن القارئ فى حاضرنا المعاش؟
 - الأسطورة عالم ثرى، تاريخ مواز لتاريخنا المزيف؛ المكتوب وفقًا لأهواء السلطة، أما الأسطورة فهى تصلنا بشكل مهمش لأنها تحمل الحقيقة، والحقيقة مدفونة دومًا أسفل أكوام من الرموز. على المستوى الشخصى خلقتنى الأساطير، وخلقتها فى عالم الكتابة بما يخدم العمل الفنى، استخدام الرموز والدلالات، كلها أشياء تعصف بذهن القارئ، وتورطه على المشاركة فى الفهم، والخلق، وبناء العمل الأدبى مع الكاتب. 

■ تقول فى قصة حياة واقعية «الفرق بين الخيال والواقع هو خيط الحرية الرفيع» كيف تتعامل مع هذه الثنائية فى كتاباتك وحياتك وهل هناك أى محاذير تضعها أمام تفسك أثناء الكتابة؟ 
- أكون أكثر حرية حين أكتب؛ لا أرى تابوهًا أو شرًا، فى الواقع شرور كثيرة، نحن مقيدون بنظرة الآخرين لنا، بمعايير موروثة عن الصواب والخطأ، ونحن أبناء للتجربة. نحاول أن نفهم العالم بأعيننا، بعيدا عن القوالب القديمة، الواقع قالب بال، والكتابة فعل مراوغ، هدم للقوالب، وخلق لعالم جديد يتسع لنا.

 ■ فى ظل ما نعيشه من أحداث متصارعة وتطور ضخم فى التكنولوجيا بالإضافة لحروب لا تنتهى وصراعات عبثية هل صار الواقع متجاوز للخيال؟ 
- الواقع هو الواقع، لم يتغير، والإنسان هو الإنسان. لابد أن يحلم بعالم أفضل، ربما لم يحقق يوتوبيا، وربما لن يفعل، لكن يظل الخيال هو المنفذ الآمن للهروب بعيدا عن كل هذه الدماء. الأدباء يقدمون للإنسان الحلم الذى يريده، والمضحك أن هذه هى غاية الديكتاتور أيضًا، فالفنون والسينما والرياضة لا يراها سوى كوسائل للقمع وإحكام السيطرة. 

■ فى قصة «غرفة الفئران» هناك بناء أقرب لسيناريو مشهد سينمائى وفى العديد من القصص الأخرى هناك استخدام لأدوات سينمائية مثل المونتاج والمشهدية كيف ترى العلاقة بين الأدب والسينما؟ 
- ثمة خيط يربط الفنون وبعضها البعض، فلا كاتب جيد يكره الموسيقى، بالنسبة لى أنا مولع بالسينما، لا أحب الوصف الممل، أحب اللقطة باعتبارها طلقة، ثلاثة كادرات فقط قد تغنى المشهد، الفيصل هو المنظور.

 ■ فى ذات القصة هناك مسألة لفعل الكتابة ومن يحرك من هل الكاتب هو من يحرك شخصياته أم العكس، وكيف تتعامل مع هذا التساؤل؟
 - هذا هاجس، فى مجموعة بنت حلوة وعود، كان ذلك الهاجس موجودًا أيضًا. ماذا لو أن حياتنا حلم طويل؟ سؤال كهذا مر بخاطر الغزالى فأنشأ فلسفة مهمة فى الفكر الإسلامى. لا أعرف حقيقة، ربما أنا منغمس فى عالم الكتابة، للحد الذى يدفعنى للنسيان؛ أى الحياتين أكثر واقعية؟ 

■ فى قصة «ملاك أسود» هناك استدعاء لعالم المسرح بكل ما يجمعه من فنون متنوعة وعوالم ساحرة إلى أى مدى هذا المزيج بين القصة والمسرح يمنحك مساحة أكبر للتعبير وهل هناك خطط أن تكتب للمسرح؟
 - أنا مولعٌ بالتجربة، كتابة العديد من الأشكال الأدبية مثل المسرح والشعر وقصائد النثر، فادتنى فى امتلاك أدوات للكتابة أو تطويع القوالب أو اللغة، لكننى أضعها عادة فى الدرج. أحترم القارئ، وأحرص على اختيار ما سيعيش بعدى وبعده، أريد للكتابة أن تخلدنى، والمرء ينال ما يستحق.

 ■ بعض قصص المجموعة تبدو كممتالية قصصية متصلة ومنفصلة فى آن واحد لماذا اخترت هذا البناء؟ 
- مصيدة الفراشات؛ مجموعة كتبتها مبكرًا فى مشوارى الأدبى، لم يكن يربط بين قصصها شيئًا سوى طفولة حالمة، اخترت أن أنشرها معًا فى مجموعة واحدة، وحاولت ربطها من خلال خيط واهن، كذكرى بعيدة. 

■ الطفولة وذكرياتها تحتل مساحة كبيرة فى قصصك برأيك إلى أى مدى نحن آسرى طفولتنا؟
- نشيخ فقط حين ننسى طفولتنا. فى مصيدة الفراشات طاردتنى ذكرى لم أستطع التخلص منها لعشرة أعوام، وهى عشق قديم، ظللت أكتب عن فتاة أحببتها، سميتها مرة ذات المعطف الأسود، لكنها ظلت تظهر باسم جديد وشكل آخر. كان عليّ أن أتحرر منها بالكتابة عنها، لأجد حكاية أخرى تليق بى. 

■ السفر والترحال حاضران أيضًا بقوة فى قصص المجموعة ما سر هذا الشغف؟
 - أنا ابن للجنوب. عشت هناك طفولتى؛ حياة هادئة وحقول أعرفها وتعرفنى. تقلبت بى الحياة لأقيم فى القاهرة. قلبى فى سفر دائم، هذا السفر موجود فى روايتى حى وفى سورة الأفعى، مصلوب أنا بين المدائن.

 ■ هناك حضور كبير للمرأة فى أعمالك بصورة تبدو فيها المرأة قوية وفعالة كيف ترى دور المرأة فى حياتك وكتاباتك خاصة أنك تمت بصلة قرابة للأديبة منى الشيمى والتى تعد واحدة من الأسماء البارزة فى عالم الأدب فى السنوات الماضية؟ 
- أنا ابن لامرأة قوية، لها حكاية لم تهزمها، قد أكتبها ذات يوم. وبالطبع أحببت كتابة منى الشيمى، وشهادتى فيها مجروحة بحكم صلة القرابة التى تربطنى بها، لكننى مشغول أكثر بعالمى، وكتابتى، وخلق اسمى.

 ■ فى معظم قصص المجموعة تستخدم لغة شاعرية إلى أى مدى تستدعى العالم الأسطورى والملحمى والحكايات الشعبية هذه اللغة؟ 
- هذه اللغة كانت ابنة لهذا العالم، الفراشات، الأساطير، والأمنيات التى تهرب منا. كان العالم شفيفا، هشًا، ولابد للغة أن تتماس مع أبطالها، مصيدة الفراشات هى مجموعتى الأولى، وإن شاء الحظ لها أن تكون الثالثة من حيث النشر، لذا أعتقد أنها ابنة لزمنها أيضًا مثلما كانت ابنة لعالمها.

 ■ بشكل عام سؤال اللغة واحد من الأسئلة المهمة التى يواجهها كل كاتب كيف تتعامل مع هذا السؤال وهل وعيك باللغة وما هيتها اختلف من مرحلة لأخرى؟
 - أنا مهموم باللغة، ثمة أزمة لا يشعر بها الكثيرون، فاللغة ابنة حاضرها مثلما تحمل تاريخ ميلادها، كيف يمكن أن تقدم لغة حية، معاصرة، وتحمل سماتها الجمالية فى ظل بلاغة قديمة، عجوز، لا تملك أدوات جديدة لقراءة أسلوب الكاتب. هذه أزمة كبيرة، وأعتقد أن هناك من سيتجاوزها ويعلو باللغة إلى أرض جديدة، من يفعل ذلك ستخلده، وإن مات مصلوبًا – كالحلاج - على الشجرة.

تعليقات

المشاركات الشائعة