مصطفى الشيمي: الجوائز الأدبية لعبة إن لم تعجبك شروطها فلا تلعب - جريدة أخبار الأدب
شهادتي في التحقيق الصحفي "غاية الجوائز وغوايتها"
جريدة أخبار الأدب عدد ٢١/١/ ٢٠١٧تحقيق إيهاب محمود الحضري

بلا شك، الجوائز الأدبية تضيف إلي رصيد الكاتب. أنا واحد من هؤلاء الذين كان لهم الحظ في الفوز بأكثر من جائزة أدبية، بلغ عددها اثنتي عشرة. ولم أملك يومًا علاقات أو صداقات مع نقاد أو لجان التحكيم. أذكر الجائزة الأولي التي فزت بها، جائزة كتاب اليوم، التابعة لأخبار اليوم، كان عمري وقتها عشرين عامًا، وكان رئيس لجنة التحكيم هو الروائي الراحل فؤاد قنديل، ومن ضمن اللجنة القاص سعيد الكفراوي، والناقد سيد البحراوي، وبصدق بالغ لم أكن أعرف شيئًا عنهم، كنت صغيرًا، وكانت المرة الأولي التي أعرف فيها أسمائهم، ورغم ذلك كنت محظوظًا بما يكفي لأكون متواجدًا في القائمة القصيرة للجائزة، وأنال المركز الخامس. إلي اليوم لا أعرف سر هذا المقعد، أقول كنت صغيرًا، وكان عمر معظم الفائزين في فترة الثلاثين، ربما رأت لجنة التحكيم أنني أستحق منافسة الكبار، وأن في جعبة هذا الصغير شيئا.
البعض يهاجم الجوائز الأدبية، يتهمها بالانحياز لأسماء بعينها، أو اهتمامها الزائد بالتغطية الجغرافية، لكنني أراها تقوم بدورها، في تقديم الأفضل، من منظورها. لا أنكر أن هناك حسابات، لكن، اهتمام جائزة بالتغطية الجغرافية أراه مهمًا، فلولا البوكر ما عرفت مبدعا رائعًا مثل ربيع جابر، هذه النقطة أراها في صالح الجائزة، لا ضدها. لكن البعض يري الأمر بمبدأ الربح والخسارة.
القاريء هو الرابح، إبراز الأعمال الأفضل في سوق مكتظ بالكتب الرديئة،، والإطلاع علي كتابة أخري في الوطن العربي. بالنسبة للكاتب فالفوز بجائزة ليس سوي رمية نرد، قد يحالفك الحظ للفوز وقد لا يحدث ذلك. أقول هذا عن تجربة، فقد فازت مجموعتي القصصية "بنت حلوة وعود"، بجائزة كبيرة، وهي دبي الثقافية، بينما لم يكن لها الحظ بالفوز عندما شاركت بها في مسابقة المجلس الأعلي للثقافة، وبدلا عنها فازت مجموعتي القصصية "ليلي والفراشات" في دورة أخري.
لكن هناك جوائز أخري، لا أحبُّ لعبتها، مثل الجوائز التي تضع شروطًا،، سياسية أو أخلاقية، علي العمل الأدبي، والإبداع أكثر حرية من الانقياد لمثل هذا القيد. الإبداع لا يقدم أخلاقًا معلبة وجاهزة، بل علي العكس، يضرب منظومة المجتمع، ويكشف ما فيها من عوار، وهي منظومة نسبية؛ تتبدل مع الزمن، وتتشكل من جديد. وقد لا يكون الإبداع مهتمًا حتي بهذا النقد وإنما يلعب من أجل اللعب.
مثل هذه الجوائز التي تقدم شروطًا وقيودًا علي الكتابة أو التي كشفت عن عدم مصداقيتها، علي المبدع أن يتجنب الخوض عليها، ليس من خلال دعوات، أو جعجعات، بل في صمت. إنها لعبة، إن لم تعجبك شروطها فلا تلعب، وإذا رضيت بشروطها فتحمل نتائجها. الأهم في الجوائز أنها تهبك الدافع للكتابة، وتجعل الآخرين ينتظرون عملك، وتقدمك بصورة جيدة إلي القراء أو الوسط الأدبي، لكن تظل قيمتها المادية هي الجائزة الحقيقية للمبدع؛ في ظل صناعة نشر، تأخذ عرقك بلا ثمن أو تسرق حقوقك. المبدع، في النهاية، مثل باقي الخلق؛ يأكل ويشرب ويمرض. الكتابة قيمة سامية لذاتها، لا شك في ذلك، مثلها مثل علاج المرضي، والأطباء يتربحون من مهنتهم. الكتابة مهنة، كأي مهنة أخري، لابد أن تعطي للمبدع، والجوائز الأدبية هي التي تقوم بهذا الدور.
تعليقات
إرسال تعليق